Total Pageviews

Friday, September 24, 2010

أعوذ برسول الله


أ- اخرج الإمام مسلم عن أبن مسعود
( أنه كان يضرب غلاما فجعل يقول"أعوذ بالله قال:فجعل يضربه فقال:أعوذ برسول الله: فتركه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم<والله,لله أقدر عليك منك عليه قال فاعتقه> أخرجه الإمام مسلم ٣\1281 حديث ابن مسعود أعوذ برسول الله منك
ب- أخرج قصة عاد الثانية أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال: »خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي إلى رسول الله . الحديث وفيه- فقلت: أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد، قال وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه )
ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري وقال الإسناد حسن الفتح (٨/٥٧٩
مسند أحمد ح (١٥٩٩٦) (٣/٤٨٢).
ج- عن عاشه رضي الله عنها قالت
( بعثت صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام,قد صنعته له وهو عندي فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة حتى استقبلتني فضربت القصعة فرميت بها قالت:- فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت الغضب في وجهه فقلت:أعوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلعنني اليوم) لخرجه الإمام أحمد 6\277 وقال الهيثمي في المجمع ٤\٣٢١ رواه أحمد ورجاله ثقات
وفي الأحاديث السابقة وردت الاستعاذة بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاء منه فيما لا يقدر عليه غير الله تعالى..
فهل يقال إن هذا القول كفر وشرك وهل الصحابة كانوا لا يعلمون مدلول الألفاظ التي تنطقها ألسنتهم؟؟؟
فهنا يظهر جليا الفرق بين الألفاظ إذا أطلقت في حق المولى سبحانه وتعالى وإذا أطلقت في حق المخلوقات فهي من الله ابتداء واستقلالا ونفعا وضرا ومن العبيد والخلق تسببًا.
وهذا الأسلوب أي نسبة فعل الخالق إلى المخلوق المتسبب ثابتة في القرآن حتى في الكلمة الواحدة
فقد أسند الله تعالى كما قلنا إلى سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص مجازا فقال جل جلاله حكاية عنه (وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله)
فما دام قد وجه الإذن الإلهي لعبد محبوب عنده فلا حر إذا في قول الإنسان يا عيسى أحي ميتي واشف مريضي لأن الله تعالى أجاز ذلك بإلهام سيدنا عيسى هذا الكلام وإثباته قرآنا يتلى إلى يوم القيامة مع العلم أن إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتي أمور لا يقدر عليها حقيقة إلا الله وحده ورغم هذا رضي من عبده عيسى عليه السلام قوله وأقره عليه.
ومجازاً جاء القول في قوله تعالى حكاية عن جبريل عليه السلام (لأهب لك غلاما زكيا)
فإسناد الوهب إليه مجاز والواهب حقيقة هو الله تعالى وحده
ومنها قوله تعالى (وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر)
والنصر حقيقة على الله تعالى وحده
وقوله تعالى (فأعينوني بقوة)
والمعين الحقيقي هو الله.
ومنها قوله جل وعلا (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا)
مسندا التثبيت إلى الملائكة مجازا
والأمثلة كثيرة في هذا الباب
وونسبة سيدنا جابر الشفاء لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ولماء وضوئه الطاهر الشريف
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال:
( جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصبّ عليَّ من وضوئه فعقلت). البخاري، الفتح،( 1/360 )رقم(194) كتاب الوضوء باب صب النبي وضوءه على المغمي عليه.
فهل الماء يشفي ام بركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ولمس هذا الماء لجسده هو السبب والمسبب رب العالمين وحده لا اله الا هو..
فإذا قال قائل : هذا جائز في حياته أما بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ؟!
فجوابه:
الأول : إن مسائل الشرك لا فرق فيها بين حي وميت فكما لا يجوز أن يقول أحد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أنت ربي لا يجوز أن يقوله في حياته صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أنه مادام هذا القول (( أسألك مرافقتك في الجنة وأشترط أن تغفر لي والمدد يارسول الله )) مادام بمعنى طلب الدعاء والتوسل والشفاعة والافاضة باذن الله فهذا ليس شركاً لإنه يخاطب به المخلوق كأنك قلت له : ادع لي بكذا او دعوت الله بقدره ومنزلته وعمله وعلمه وصلاحه ولا يصح أن تقول لله تعالى أدع لي.

ليس لنا إلا إليك يا رسول الله فرارنا

عن انس بن مالك قال:- أتي أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك ومالنا صبي يغط ولا بعير يئط.
أَتَيْنَاكَ وَالعَذْرَاءُ يُدمى لبَابُهَا
وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفلِ
وألقت بكفيها الفتى لاستكانة
مِنَ الْجُوعِ ضعْفاً مَا يَمُرُّ وَلا يحلِي
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
سِوَى الْحَنْظَلِ اَلْعَامِي وَالعَلْهَزِ الفَسْلِ
ولَيْسَ لَنَا إِلا إِلَيْكَ فِرَارُنَا
وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلا إِلى اَلرُّسُل
فقام صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فرفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم اسقنا غيثا مريعا غدقا طبقا نافعا غير ضار عاجلا غير رائت تملأ به الضرع فضحك ? حتى بدت نواجذه ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه، مَن ينشدنا قوله؟ فقال على يا رسول الله كأنك تريد قوله:
وأَبيَضُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ
تُطِيفُ بِهِ اَلْهُلَّاك مِنْ آلِ هَاشِمٍ
ثَمَّال اليَتَامَى عِصمَةٌ لِلأَرَامِلِ
فَهُم عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ.)
(أخرجه البيهقي في الدلائل
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني إسناده ضعيف لكنه يصلح للمتابعة ج ٢ ص ٤٩٥
وذكره ابن هشام في زوائده في السيرة تعليقا عمن يثق به
وذكره محمد خليل الخطيب في الوسيلة ص ٧٣

وصف حسان به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: يا ركن معتمد وعصمة لائذ وملاذ منتجع وجـار مجاور

فوصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ركن المعتمدين وعصمة اللائذين وملاذ القاصدين وجار المستجيرين لم يكن يقصد به أنه عليه الصلاة والسلام يشارك الباري في تلك الصفات بل هي لله بالأصالة وعلي الحقيقة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سبب فيها من باب الإسناد المجازي

شكوى سيدنا أبي هريرة النسيان وهو يريد أن يزول عنه

عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم النسيان لما يسمعه من حديثه الشريف وهو يريد أن يزول عنه ذلك فقال رضي الله عنه : يا رسول الله : إني أسمع منك حديثا كثيرا فأنساه فأحب أن لا أنسى فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أبسط ردائك فبسطه فغرف يديه فيه ثم قال: ضمه فضمه قال أبو هريرة فما نسيت حديثا بعد وفي رواية فما نسيت شيئا قط»
أخرجه البخاري (٣٦٤٨) والترمذي (٣٨٣٥).
وعدم النسيان من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله وحده ورغم هذا لم ينكر عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأجابه إلى مطلبه ف وهذا دليل منه رضي الله عنه على جواز سؤال مثل هذه الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله من غير الله تعالى حتى إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل له لا تسألني وسل من هو أقرب إليك مني بل أجابه إلى مطلبه وقضيت حاجته باللحظة التي ضم فيها الرداء إلى صدره

قول سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه ( أشترط أن تَغْفر لي ما أوضعت من صد عن سبيل الله )

وكما جاء هذا اللفظ وأقره النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ثبت عن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم (( أشترط أن تَغْفر لي ما أوضعت من صد عن سبيل الله )
(مسند أحمد 36-178-17109)
رواه الإمام أحمد في مسنده بالتاء أي أنت تغفر لي ورواه الإمام مسلم في بَاب كَوْنِ الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ وَكَذَا الْهِجْرَةِ وَالْحَجِّ بلفظ
(( أن يغفر لي )) بصيغة البناء للمجهول وليست رواية مسلم أو ثق من الإمام أحمد بل العكس هو الصحيح وقد قال العلماء : معناهما واحد ولم يقولوا نرجح رواية مسلم ونترك رواية أحمد ولاشك أن مغفرة الذنوب من خصائص الله تعالى لا يقدر عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بطلبها من الله أو بإذن من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن جاءت الكلمة على هذا الوجه وهو أسلوب معروف لغة وشرعاً .
ولو جاء إليه صلى الله عليه وسلم صحابي فقال له ( المدد يا رسول الله )) وأراد به معنى العون بواسطة الدعاء من سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الحي في قبره الشريف كان ذلك صحيحاً لغة وشرعاً وكذلك اذا قصد به العبد دعاء الله بحب وقدر ومنزلة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان ذلك صحيحاً لغاً وشرعاً.
فيتضح لك إذا قصد العبد المدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم باذن الله تعالى فالمعنى صحيح لغاً وشرعاً.

قول الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي للنبي صلى الله عليه وسلم : (( أسألك مرافقتك في الجنة ))

يقول الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي للنبي صلى الله عليه وسلم : (( أسألك مرافقتك في الجنة )) كما جاء في ( صحيح مسلم باب فضل السجود والحث عليه 3/40) 754
ودخوله هو بيد الله عز وجل لايقدر عليه إلا هو سبحانه ومادام هذا القول ثبت وهو في السنة فهو جائز حتماً وليس محرماً ولا شركاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقر أحداً على الكلام المحرم وإن كان شركاً فهو أولى بالإنكار وإذا كان جائزاً بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الاعتراض عليه حتى ولا بالقول أنه ترك الأفضل لإنه لو كان فيه أي مخالفة شرعية مهما قلّت لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبه قائله على ذلم كأن يقول له : دع هذا وإن كان صحيحاً لإنه يوهم غير الصواب
ولهذا الحديث حسب ما يدل لفظه معنيان صحيحان ويحتمل معنى ثالثاً وهو باطل وإن احتمله اللفظ لإنه لايوافق الشرع
المعنى الأول :- هو أنه يعني بهذا الكلام (( أسألك أن تدعو الله لي أن يجعلني رفيقك في الجنة )) أي هو توسل بطريق طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا التوسل متفق على مشروعيته .
والمعنى الثاني:- هو أن يدخله النبي صلى الله عليه وسلم الجنة برفقته لكن بإذن الله تعالى وإذا جاز أن يحيي نبي الله عيسى الموتى بإذن الله ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله ولا يكون ذلك شركاً ولا محرماً فأيسر منه في الجواز أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرداً من أمته الجنة بإذن الله كما جاء في عدد من أحاديث الشفاعة يوم القيامة كقوله تعالى له صلى الله عليه وسلم : (( أدخل من أمتك الجنة من لا حساب عليهم من الباب الأيمن)) ( البخاري : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا 4343) فهذا الدخول إلى الجنة أيضاً بطلب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الله تعالى لهذا الصحابي أو يكون ذلك بإذن سابق من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم
والمعنى الثالث:- مما يحتمله لفظ حديث (( أسألك مرافقتك في الجنة )) وهو باطل ولا يخطر في بال مسلم أن يريده هو : أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بدون إذن الله تعالى
فكل مسلم يعلم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء لا يشفعون عند الله إلا بإذنه ولا يفعلون شيئاً في ملكه إلا بإذنه سبحانه وتعالى ومن اتهم أحداً من المسلمين بأنه يقصد هذا المعنى يقال له :" هلا شققت عن قلبه "
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه حين زعم أن رجلاً كافراً قال لا إله إلا الله إنه قال ذلك لينجو من القتل وإذا كان هذا الاحتمال باطلاً ولا يخطر في بال المسلمين فلا ينبغي أن يقال لأحد منهم إنك تقصد معنى الكفر وأنت بسبب هذا القول كافر بل لاينبغي لأحد أن يزعم أن الأولى أن نتجنب هذه الألفاظ لإنها توهم معنى باطلاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص منا على التوحيد ولم يقل لمن تكلموا بها اتركوها وجاء طلب الشفاء منه والعلاج من النساين وغيرها والاستعاذة به وغيرها الكثير .

شكوى صحابي من فقد عينه و سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه عينه

قال الحاكم النيسابوري في المستدرك 3/334:
((وشهد قتادة بن النعمان العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد بدراً وأحداً، ورُميتْ عينه يوم أحد، فسالت حدقته على وجنته، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن عندي امرأة أحبّها، وإن هي رأت عيني خشيتُ تقذّرها. فردَّها رسول الله بيده، فاستوت ورجعت، وكانت أقوى عينيه وأصحّهما بعد أن كبر، وشهد أيضاً الخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.))
ومن الواضح أن قتادة بن النعمان إنما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه عينه التي سالت على وجنته وهذا أمر لا يقدر عليه إلا الله سبحانه فتأمل.

يجوز وصف أي بشر عادي بأنه فرج الكربة وقضى الحاجة ونصر واغاث

ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح :
((من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا)) الخ ؟
فالمؤمن مفرج الكربات .
فقول السائل: مدد يا رسول الله أي استغفر لي وعلمني مما علمك الله وافيض علي بما افاض عليك الله بإذن الله واشفع لي فكل إنسان مبتدئ في أمور الدين والتزكية يحتاج إلى علم من سبقه في هذا المجال.
وإن الولي إذا أمد الطالبين فإنما يمدهم مما أمده الله به باذن الله.
فهو لا يفيد الناس بشيء من دون الله إنما الضار والنافع في الحقيقة هو الله تعالى.
وقد ذكركت هذه الالفاظ في شرعنا وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص منا على التوحيد ولم يقل انها شرك او تناقض التوحيد..
{فالله هو الولي وهو يحيى الموتى وهو على كل شيء قدير}سورة الشورى الآية (9)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام {وإذ تخرج الموتى بإذني}
سورة المائدة الآية (110)
وكذلك ينسب شفاء المرض اليه سبحانه وتعالى فيقول: {وإذا مرضت فهو يشفين}
سورة الشعراء الآية (80)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: {وتبرى الأكمه والأبرص بإذني }
سورة المائدة الآية (110)
وينسب الخلق إلى نفسه سبحانه وتعالى فيقول: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}
سورة آل عمران الآية (49)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
1- وأدل دلالة على هذا ما أجراه الله على يد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام فلنسمع إلى قول الله تعالى وهو ينسب إلى نفسه إحياء الموتى قائلا:
{فالله هو الولي وهو يحيى الموتى وهو على كل شيء قدير}سورة الشورى الآية (9)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
{وإذ تخرج الموتى بإذني} سورة المائدة الآية (110)
وكذلك ينسب شفاء المرض اليه سبحانه وتعالى فيقول: {وإذا مرضت فهو يشفين} سورة الشعراء الآية (80)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام:
{وتبرى الأكمه والأبرص بإذني } سورة المائدة الآية (110)
وينسب الخلق إلى نفسه سبحانه وتعالى فيقول: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}
سورة آل عمران الآية (49)
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام

{وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني}سورة المائدة الآية (110)
وليس ذلك فحسب بل بعد أن أمد الله سيدنا عيسى بتلك الصفات نراه يتكلم بلسان المدد الإلهي فينسب الأسباب إلى نفسه والفعل الحقيقي إلى مسببها فيقول:
{أني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله}سورة آل عمران الآية (49)

الطلب في حقيقته من الله جل جلاله وهذا مقرر في شرعنا.

فالاستغاثة السببية تفرق كثيراً عن الاستغاثة بقصد العبادة والاستغاثة بقصد تعاطي الأسباب مشروعة مع اعتقاد أن الفاعل حقيقة هو الله وحده لا شريك له .
القول اغثني يا رسول الله او مدد يا رسول الله او مدد يا جيلاني
فاعلم حياك الله أن من له أدنى اطلاع على اللغة يعلم أن هذا القول مقبول لغاً وشرعاً وانه مجاز ولم يقصد منه ما يتبادر لاذهان الجهلاء وأن ما تخفيه الصدور اعلم به من لا تخفي عليه خافيه في الأرض ولا السماء والأمر أن أصحاب هذا القول هم في قريرة أنفسهم يعلمون حق العلم أنه وحده سبحانه وتعالى هو النافع والضار ولا يقع في ملكه إلا ما يريد وذلك طمعا في الإجابة لما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من منزلة عند الله وهذا ضرب من أضرب المجاز ولا يستطيع أحد ممن له أدنى مسكة في علم الشريعة واللغة العربية أن ينكر وجود المجاز في القرآن الكريم والسنة الشريفة.
فما قصد الاستغاثة أوطلب ذلك استقلالا إنما قوله هذا مجازا وتصريحه به لا يخل بعقيدته.
فما قصد منه غير التوسل بسيدنا النبي وببركته ودعاءه...
وما قصد في طلبه ان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يشارك رب العالمين.
وما قصد ان الولي له صفات الربوية كما يدعي البعض بل لان هؤلاء لهم فضل واقرب قبولا منهم لما عندهم من إخلاص وصفاء قلب وقوة في الطاعة أعظم مما عند السائل فطلب المدد ممن هو أرفع منه اعترافا بتقصيره وبأنه ليس أهلا لإجابة دعائه وبهذا يكون ملتزما بالكتاب والسنة حالا ومقالا كما سنوضح في بعض الالفاظ.
فانظر حياك الله هذه أقوال محسوسة وملموسة فكيف نحكم على القائل بالكفر والشرك وهو مؤمنا موحدا بالله الواحد الأحد؟
وهي تحمل على المجاز كما قلنا مثل القول
هذا الطعام أشبعني
وهذا الماء رواني
وهذا الدكتور عالجني
وهذا الدواء شفاني.
او اغثني يا دكتور وغيرها
فهذا كله مجازا والفاعل الحقيقي هو الله تعالى المشبع والراوي والشافي والمعالج حقيقيا هو الله تعالى..وكل هذه أسباب ولهذا يجب احمال الكلمات على الوجه الصحيح.
وإذا نظرنا سنجد شرعنا ينض على ما قلنا
يقول سبحانه (وَأَوْحَيْنَا إِلى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ) لأعراف: ١٦0
فقد فرج عنهم سيدنا موسى عليه السلام باذن الله عند طلب قومه قضاء حاجتهم وهى الاستسقاء وقد فرج عنهم باذن الله تعالى ولا فرق بين ميت وحي فالشرك محرم في الحياة والممات وطلب شئ مثل الاستسقاء من عبد لله تعالى لا يستطيع ان يقوم به الا باذن الله تعالى قطعاً وعقلاً ونقلاً..

ترجمة محمد بن المنكدر الذي استغاث بقبر النبي صلي الله عليه وسلم

ابن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، الإمام الحافظ القدوة ، شيخ الإسلام أبو عبد الله القرشي التيمي المدني . ويقال : أبو بكر أخو أبي بكر وعمر . ولد سنة بضع وثلاثين .

وحدث عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن سلمان ، وأبي رافع ، وأسماء بنت عميس ، وأبي قتادة وطائفة مرسلا . وعن عائشة ، وأبي هريرة ، وعن ابن عمه ، وجابر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وأميمة بنت رقيقة ، وربيعة بن عباد ، وأنس بن مالك ، وأبي أمامة بن سهل ، ومسعود بن الحكم ، وعبد الله بن حنين ، وحمران ، وذكوان أبي صالح ، وسعيد بن المسيب ، وعروة ، وعبد الرحمن بن يربوع ، وأبيه المنكدر ، وخلق .

وعنه : عمرو بن دينار ، والزهري ، وهشام بن عروة ، وأبو حازم الأعرج ، وموسى بن عقبة ، ومحمد بن واسع ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومحمد بن سوقة ، وعبيد الله بن عمر ، وابن جريج ، ومعمر ، ومالك ، وجعفر الصادق ، وشعبة ، والسفيانان ، وروح بن القاسم ، وشعيب بن أبي حمزة ، والأوزاعي ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وعمرو بن الحارث ، وأبو حنيفة ، وابن أبي ذئب ، والمنكدر ابنه ، وورقاء بن عمر ، وأبو عوانة ، والوليد بن أبي ثور ، ويوسف بن يعقوب بن الماجشون ، وابنه الآخر يوسف بن محمد ، ويوسف بن إسحاق السبيعي وخلق كثير .

قال علي : له نحو مائتي حديث ، وروى ابن راهويه ، عن سفيان قال : كان من معادن الصدق ، ويجتمع إليه الصالحون ، ولم يدرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال : قال رسول الله منه .

وقال الحميدي : هو حافظ ، وقال ابن معين وأبو حاتم : ثقة .

وقال الترمذي : سألت محمداً يعني : البخاري ، سمع من عائشة ؟ فقال : نعم . يقول في حديثه : سمعت عائشة .

قلت : إن ثبت الإسناد إلى ابن المنكدر بهذا فجيد ، وذلك ممكن ؛ لأنه قرابتها ، وخصيص بها ، ولحقها وهو ابن نيف وعشرين سنة .

وقال أبو حاتم البستي : كان من سادات القراء ، لا يتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان يصفر لحيته ورأسه بالحناء .

وقال أبو القاسم اللالكائي : كان المنكدر خال عائشة ، فشكا إليها الحاجة ، فقالت : إن لي شيئاً يأتيني ، أبعث به إليك فجاءتها عشرة آلاف ، فبعثت بها إليه ، فاشترى جارية ، فولدت له محمداً ، وأبا بكر ، وعمر .

وقال مالك : كان ابن المنكدر سيد القراء .

وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا يحيى بن الفضل الأنيسي ، سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر ، أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى ، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله ، وسألوه ، فاستعجم عليهم ، وتمادى في البكاء ، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه ، فقال : ما الذي أبكاك ؟ قال : مرت بي آية ، قال : وما هي ؟ قال : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " فبكى أبو حازم معه ، فاشتد بكاؤهما .

وروى عفيف بن سالم ، عن عكرمة بن إبراهيم ، عن ابن المنكدر ، أنه جزع عند الموت ، فقيل له : لم تجزع ؟ قال : أخشى آية من كتاب الله " . وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب .

قال ابن عيينة : كان لمحمد بن المنكدر جار مبتلى ، فكان يرفع صوته بالبلاء ، وكان محمد يرفع صوته بالحمد .

قال عبد العزيز الأويسي : حدثنا مالك قال : كان محمد بن المنكدر لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي .

وعن ابن المنكدر قال : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت . أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن سوقة ، عن ابن المنكدر قال : إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم . وسمعت ابن المنكدر يقول : نعم العون على تقوى الله الغنى .

وقال أبو معشر السندي : بعث ابن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين ديناراً ، ثم قال لبنيه : يا بني ما ظنكم بمن فرغ صفوان بن سليم لعبادة ربه . أبو معاوية ، عن عثمان بن واقد قال : قيل لابن المنكدر : أي الدنيا أحب إليك ؟ قال : الإفضال على الإخوان .

قال أبو معشر : كان سيداً يطعم الطعام ، ويجتمع عنده القراء .

وروى جعفر بن سليمان ، عن محمد بن المنكدر ، أنه كان يضع خده على الأرض ، ثم يقول لأمه : قومي ضعي قدمك على خدي .

قرأت على إسحاق الأسدي ، أخبركم يوسف الحافظ ، أنبأنا أبو المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان ، حدثنا إسماعيل القاضي ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا أبو مودود ، عن محمد بن المنكدر . قال : جئت إلى المسجد ، فإذا شيخ يدعو عند المنبر بالمطر ، فجاء المطر ، وجاء بصوت ، فقال : يا رب ليس هكذا أريد . فتبعته حتى دخل دار آل حرام ، أو دار آل عثمان ، فعرضت عليه شيئا فأبى ، فقلت : أتحج معي ؟ فقال : هذا شيء لك فيه أجر ، فأكره أن أنفس عليك ، وأما شيء آخذه ، فلا .

وبه إلى أبي نعيم ، حدثنا أبو محمد بن حيان ، حدثنا أبو العباس الهروي ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا ابن زيد ، قال : قال ابن المنكدر : إني لليلة مواجه هذا المنبر في جوف الليل أدعو ، إذا إنسان عند أسطوانة مقنع رأسه ، فأسمعه يقول : أي رب إن القحط قد اشتد على عبادك ، وإني مقسم عليك يا رب إلا سقيتهم ، قال : فما كان إلا ساعة إذا سحابة قد أقبلت ، ثم أرسلها الله ، وكان عزيزاً على ابن المنكدر أن يخفى عليه أحد من أهل الخير ، فقال : هذا بالمدينة ولا أعرفه !! فلما سلم الإمام ، تقنع وانصرف ، وأتبعه ، ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس ، فدخل موضعا ، ففتح ودخل . قال : ورجعت ، فلما سبحت ، أتيته ، فقلت : أدخل ؟ قال : ادخل ، فإذا هو ينجز أقداحا ، فقلت : كيف أصبحت ؟ أصلحك الله ، قال : فاستشهرها وأعظمها مني ، فلما رأيت ذلك ، قلت : إني سمعت إقسامك البارحة على الله ، يا أخي هل لك في نفقة تغنيك عن هذا ، وتفرغك لما تريد من الآخرة ؟ قال : لا ولكن غير ذلك ، لا تذكرني لأحد ، ولا تذكر هذا لأحد حتى أموت ، ولا تأتني يابن المنكدر ، فإنك إن تأتني شهرتني للناس ، فقلت : إني أحب أن ألقاك ، قال : القني في المسجد ، قال : وكان فارسيا ، فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل . قال ابن وهب : بلغني أنه انتقل من تلك الدار ، فلم ير ، ولم يدر أين ذهب . فقال أهل تلك الدار : الله بيننا وبين ابن المنكدر ، أخرج عنا الرجل الصالح .

قال محمد بن الفيض الغساني : حدثنا عبد الله بن يزيد الدمشقي ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، قال : جئت محمد بن المنكدر ، وأنا مغضب ، فقلت له : أحللت للوليد أم سلمة ؟ قال : أنا ! ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا طلاق لما لا تملك ، ولا عتق لما لا تملك " ورواه أحمد بن خليد الكندي عن عبد الله بن يزيد .

وقد كان الوليد بن يزيد استقدم محمد بن المنكدر في عدة من الفقهاء أفتوه في طلاق زوجته أم سلمة .

محمد بن سعد : حدثنا أحمد بن أبي إسحاق العبدي ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن أبي معشر ، أن المنكدر جاء إلى أم المؤمنين عائشة ، فشكى إليها الحاجة ، فقالت : أول شيء يأتيني أبعث به إليك . فجاءتها عشرة آلاف درهم ، فقالت : ما أسرع ما امتحنت يا عائشة ، وبعثت بها إليه فاتخذ منها جارية ، فولدت له محمدا وأبا بكر وعمر . كنى أبو خيثمة ، وابن سعد وجماعة محمداً : أبا عبد الله ، وكناه البخاري ومسلم والنسائي : أبا بكر .

قال يعقوب الفسوي : هو غاية في الإتقان والحفظ والزهد ، حجة .

وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، قال : كان ابن المنكدر يقول : كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر . وكان إذا بكى ، مسح وجهه ولحيته من دموعه ، ويقول : بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع . وروي أنه كان يقترض ويحج ، فكلم في ذلك ، فقال : أرجو وفاءها .

وقال سهل بن محمود : حدثنا سفيان ، قال : تعبد ابن المنكدر وهو غلام ، وكانوا أهل بيت عبادة . قال يحيى بن بكير : محمد ، وأبو بكر ، وعمر لا يدرى أيهم أفضل ؟ .

قال سعيد بن عامر : قال ابن المنكدر : إني لأدخل في الليل فيهولني ، فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي .

وقال إبراهيم بن سعد : رأيت ابن المنكدر يصلي في مقدم المسجد ، فإذا انصرف ، مشى قليلاً ، ثم استقبل القبلة ومد يديه ودعا ، ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو ، يفعل ذلك حين يخرج فعل المودع .

وقال مصعب بن عبد الله : حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال : كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه ، فكان يصيبه صمات ، فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع . فعوتب في ذلك ، فقال : إنه يصيبني خطر ، فإذا وجدت ذلك ، استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم .

وكان يأتي موضعاً من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع ، فقيل له في ذلك ، فقال : إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع .

ويروى أنه حج ، فوهب كل ما معه حتى بقي في إزار ، فلما نزل بالروحاء ، قال وكيله : ما بقي معنا درهم ، فرفع صوته بالتلبية ، فلبى أصحابه ، ولبى الناس ، وبالماء محمد بن هشام ، فقال : إني أظن محمد بن المنكدر بالماء ، فنظروا ، فقالوا : نعم . قال : ما أظن معه شيئاً ، احملوا إليه أربعة آلاف ، فأتي محمد بها .

قال المنكدر بن محمد : كان أبي يحج بولده ، فقيل له : لم تحج بهؤلاء ؟

قال : أعرضهم لله .

قال سعيد بن عامر : قال ابن المنكدر . بات أخي عمر يصلي ، وبت أغمز قدم أمي ، وما أحب أن ليلتي بليلته .

وقال ابن عيينة : تبع ابن المنكدر جنازة سفيه ، فعوتب ، فقال : والله إني لأستحيي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد . الفسوي : حدثنا زيد بن بشر ، حدثنا ابن وهب ، حدثني ابن زيد ، قال : خرج ناس غزاة في الصائفة ، فيهم محمد بن المنكدر ، فبيناهم يسيرون في الساقة ، قال رجل منهم : أشتهي جبناً رطباً ، قال محمد : فاستطعمه الله ، فإنه قادر ، فدعا القوم ، فلم يسيروا إلا شيئاً حتى وجدوا مكتلاً ، فإذا هو جبن رطب ، فقال بعضهم : لو كان لهذا عسل ، فقال : الذي أطعمكموه قادر على ذلك . فدعوا ، فساروا قليلاً ، فوجدوا فاقرة عسل على الطريق ، فنزلوا فأكلوا الجبن والعسل . سويد بن سعيد : حدثنا خالد بن عبد الله اليمامي ، قال : استودع محمد بن المنكدر وديعة فاحتاج فأنفقها . فجاء صاحبها فطلبها ، فتوضأ وصلى ودعا ، فقال : يا ساد الهواء بالسماء ، ويا كابس الأرض على الماء ، ويا واحد قبل كل أحد وبعد كل أحد ، أد عني أمانتي ، فسمع قائلاً يقول : خذ هذه فأد بها عن أمانتك ، واقصر في الخطبة ، فإنك لن تراني . رواها ابن أبي الدنيا عن سويد ، وقيل : كانت مائة دينار .

قال : فإذا بصرة في نعله ، فأداها إلى صاحبها .

قال الواقدي : فأصحابنا يتحدثون أن الذي وضعها عامر بن عبد الله بن الزبير ، كان كثيراً ما يفعل مثل هذا .

وقال ابن الماجشون : إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني .

قال الواقدي وابن المديني وخليفة وجماعة : مات ابن المنكدر سنة ثلاثين ومائة . وقال الفسوي : سنة إحدى وثلاثين .

قيل : بلغت أحاديث ابن المنكدر المسندة أزيد من مائتي حديث .

أخبرنا محمد بن عبد العزيز المقرئ في سنة اثنتين وتسعين وستمائة وأحمد بن أبي الفتح ، وأحمد بن سليمان ، والحسن بن علي ، وإبراهيم بن غالب ، ومحمد بن يوسف ، وأبو المحاسن محمد بن أبي الحزم ، وإبراهيم بن عبد الرحمن الفارسي ، ومحمد بن أحمد العقيلي سماعا منهم في أوقات ، قالوا : أنبأنا علي بن محمد السخاوي ، وقرأت على علي بن محمد الحافظ ، ولؤلؤ المحسني ، وعلي بن أحمد القناديلي ، وسليمان بن قدامة ، قالوا : أنبأنا علي بن هبة الله الخطيب ، وقرأت على عبد المعطي بن الباشق ، وعبد الحسن بن هبة الله الفوي ، أخبركما عبد الرحمن بن مكي ، قالوا : أنبأنا أبو طاهر السلفي ، أنبأنا مكي بن علان الكرجي ، وأخبرتنا عاثشة بنت عيسى سنة اثنتين وتسعين . أنبأنا الإمام أبو محمد بن قدامة حضورا في سنة أربع عشرة وستمائة أنبأنا أبو زرعة المقدسي ، أنبأنا محمد بن أحمد الساوي قالا : حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد المروزي ببغداد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، سمع ابن الزبير ، يقول : إذا رميت الجمرة يوم النحر ، فقد حل لك ما وراء النساء أخرجاه من حديث سفيان . وبه حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع جابرا يقول : ولد لرجل منا غلام ، فسماه القاسم فقلنا : لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعم لك عيناً . فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له . فقال : " سم ابنك عبد الرحمن " . وأخرجاه عن جماعة ، عن سفيان بن عيينة .
<المرجع سير اعلام النبلاء>

استغاثة التابعي الجليل ابن المنكدر بالقبر الشريف

وقال مصعب بن عبد الله: حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال: كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه، فكان يصيبه صمات، فكان يقوم كما هو حتىيضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع.
فعوتب في ذلك، فقال: إنه يصيبني خطر، فإذ وجدت ذلك، استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم
[حافظ الذهبي <سير اعلام النبلاء 5/359]

Wednesday, September 22, 2010

المذاهب الأربعة تقر بمشروعية التوسل

وإليك أخي المسلم أقول العلماء من المذاهب الأربعة الدّالة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس شركاً:
جواز التوسل بالنبي من أقوال العلماء:
المذهب الحنفي:
قال الشيخ نظام الحنفي في الفتاوى الهندية (ج1/266) من كتاب المناسك:
باب: خاتمة في زيارة قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم، بعد أن ذكر كيفية وءاداب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ذكر الأدعية التي يقولها الزائر فقال: "ثم يقف (أي الزائر) عند رأسه صلى اللّه عليه وسلم كالأوّل ويقول: اللَّهمّ إتك قلت وقولك الحق: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ..} (النساء/64)، الآية، وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك، مستشفعين بنبيك إليك".
المذهب المالكي:
قال الشيخ ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل (ج1/259-260) ما نصه: "فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حطّ أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا، لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ أنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى اللّه تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام مَن لم يزره، اللهم لا تحرمنا شفاعته بحرمته عندك ءامين يا رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم".
المذهب الشافعي:
قال الإمام النووي الشافعي في المجموع (ج8/274) من كتاب صفة الحج، باب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم: "ثم يرجع إلى موقفه الأوّل قُبالة وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه".

المذهب الحنبلي:
صاحب المذهب أحمد بن حنبل أجاز التوسل كما نقل عنه الإمام المرداوي الحنبلي في الإنصاف (ج2/456) من كتاب صلاة الاستسقاء: "ومنها (أي من الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح، على الصحيح من المذهب، وقيل : يُستحب، قال الإمام أحمد للمروذي: يَتَوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره".
هذه أربعة نقول من المذاهب الأربعة فيها جواز التوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم تُبيّن أن المذاهب الأربعة في مسألة التوسل يدٌ واحدة كمسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فاقتدِ أخي المسلم بهؤلاء العلماء الذين قدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تُضيّع على نفسك ثواب التوسل بالحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
وننصحك أن لا تلتفت إلى من يرمون الناس بالشرك لأنهم توسّلوا بالنبي، فهؤلاء كأنهم يرمون الصحابي عبد الله بن عمر والإمام أحمد بن حنبل والإمام النووي وغيرهم بالشرك، فكُن مع من ذكرنا من العلماء فإنهم ورثة الأنبياء، ودعك ممن شذ، والله أعلم وأحكم.

تبرك الامام الشافعي بابي حنيفة رضي الله عنهما

أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري قال أنبأنا عمر بن إبراهيم قال نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم يعني زائراً فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى
تاريخ بغداد <1>

Tuesday, September 7, 2010

شرك

اخرج أبو يعلى عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن مما أخاف عليكم : رجل قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان ردائه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره ، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك . قال : قلت : يا نبي الله ! أيهما أولى بالشرك المَرمِي أم الرامي ؟؟ قال : بل الرامي )) قال الحافظ : إسناده جيد .

اعتبر

قال الأبشيهي رحمه الله في المستطرف 1 / 491 :
ولما حججت وزرته (صلى الله عليه وسلم) تطفلت على جنابه المعظم وامتدحته بأبيات مطولة وأنشدتها بين يديه بالحجرة الشريفة تجاه الصندوق الشريف وأنا مكشوف الرأس وأبكى من جملتها:

يا سيد السادات جئتك قاصدا ... أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
والله يا خير الخلائق إن لي ... قلبا مشوقا لا يروم سواكا
وحق جاهك إنني بك مغرم ... والله يعلم إنني أهواكا
أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ ... كلا ولا خلق الورى لولاكا
أنت الذي من نورك البدر اكتسى ... والشمس مشرقة بنور بهاكا
أنت الذي لما رفعت إلى السما ... بك قد سمت وتزينت لسراكا
أنت الذي ناداك ربك مرحبا ... ولقد دعاك لقربه وحباكا
أنت الذي فينا سألت شفاعة ... ناداك ربك لم تكن لسواكا
أنت الذي لما توسل آدم ... من ذنبه بك فاز وهو أباك
وبك الخليل دعا فعادت ناره ... بردا وقد خمدت بنور سناكا
ودعاك أيوب لضر مسه ... فأزيل عنه الضر حين دعاكا
وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا ... بصفات حسنك مادحا لعلاكا
وكذاك موسى لم يزل متوسلا ... بك في القيامة مرتج لنداكا
والأنبياء وكل خلق في الورى ... والرسل والاملاك تحت لواكا
لك معجزات أعجزت كل الورى ... وفضائل جلت فليس تحاكى
نطق الذراع بسمة لك معلنا ... والضب قد لباك حين أتاكا
والذئب جاءك والغزالة قد أتت ... بك تستجير وتحتمي بحماكا
وكذا الوحوش أتت إليك وسلمت ... وشكا البعير إليك حين رآكا
ودعوت أشجارا أتتك مطيعة... وسعت إليك مجيبة لنداكا
والماء فاض براحتيك وسبحت ... صم الحصى بالفضل في يمناكا
وعليك ظللت الغمامة في الورى ... والجذع حن إلى كريم لقاكا
وكذاك لا أثر لمشيك في الثرى ... والصخر قد غاصت به قدماكا
وشفيت ذا العاهات من أمراضه ... وملأت كل الأرض من جدواكا
ورددت عين قتادة بعد العمى ... وابن الحصين شفيته بشفاكا
وكذا حبيب وابن عفرا عندما ... جرحا شفيتهما بلمس يداكا
وعلي من رمد به داويته... في خيبر فشفي بطيب لماكا
وسألت ربك في ابن جابر بعدما ... قد مات أحياه وقد أرضاكا
ومسست شاة لأم معبد بعدما ... نشفت فدرت من شفا رقياكا
ودعوت عام المحل ربك معلنا ... فانهل قطر السحب عند دعاكا
ودعوت كل الخلق فانقادوا إلى ... دعواك طوعا سامعين نداكا
وخفضت دين الكفر يا علم الهدى ... ورفعت دينك فاستقام هناكا
أعداك عادوا في القليب بجهلهم ... صرعى وقد حرموا الرضا بجفاكا
في يوم بدر قد أتتك ملائك ... من عند ربك قاتلت أعداكا
والفتح جاءك يوم فتحك مكة ... والنصر في الأحزاب قد وافاكا
هود ويونس من بهاك تجملا ... وجمال يوسف من ضياء سناكا
قد فقت يا طه جميع الأنبيا ... نورا فسبحان الذي سواكا
والله يا ياسين مثلك لم يكن ... في العالمين وحق من نباكا
عن وصفك الشعراء يا مدثر ... عجزوا وكلوا عن صفات علاكا
إنجيل عيسى قد أتى بك مخبرا ... وأتى الكتاب لنا بمدح حلاكا
ماذا يقول المادحون وما عسى ... أن يجمع الكُتّاب من معناكا
والله لو إن البحار مدادهم ... والعشب أقلام جعلن لذاكا
لم تقدر الثقلان تجمع ذره ... أبدا وما استطاعوا له إدراكا
لي فيك قلب مغرم يا سيدي ... وحشاشة محشوة بهواكا
فإذا سكت ففيك صمتي كله ... وإذا نطقت فمادح علياكا
وإذا سمعت فعنك قولا طيبا ... وإذا نظرت فلا أرى إلاكا
يا مالكي كن شافعي من فاقتي ... إني فقير في الورى لغناكا
يا أكرم الثقلين يا كنز الورى ... جد لي بجودك وارضني برضاكا
انا طامع في الجود منك ولم يكن ... لابن الخطيب من الأنام سواكا
فعساك تشفع فيه عند حسابه ... فلقد غدا مستمسكا بعراكا
ولأنت أكرم شافع ومشفع ... ومن التجا لحماك نال وفاكا
فاجعل قراي شفاعة لي في غد... فعسى أُرى في الحشر تحت لواكا
صلى عليك الله يا خير الورى ... ما حن مشتاق إلي مثواكا
وعلى صحابتك الكرام جميعهم ... والتابعين وكل من والاكا )

قصة الامام مالك بن انس رضي الله عنه

- الإمام مالك بن انس
قصه الخليفة المنصور مع الإمام مالك رضي الله عنه وهى
( أن مالكا رضي الله عنه لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي - ثاني خلفاء بن العباس- يا أبا عبد الله: أأستقبل رسول الله صلى الله عليه سلم أم استقبل القبلة وأدعو؟ فقال الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك أدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفع فيك)
وهذه القصة صحيحة لا غبار عليها وان الإمام مالك يري الخير في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء والاستشفاع به وأنه هو الوسيلة صلى الله عليه وسلم.
كما أن القصة تشير إلى حديث توسل سيدنا آدم عليه السلام بسيدنا محمد والذي سنورده فيما بعد.
وقد أخرج هذه القصة
وقد أخرج هذه القصة
رواها أبو الحسن على بن فهر في كتابه فضائل مالك
رواها القاضي عياض في الشفا 2:41 بسنده الصحيح عن شيوخ عده من ثقات مشايخه
وقال الخفاجي في شرحه 3:398 ( ولله دره حيث أوردها بسند صحيح وذكر أنه تلقاها عن عدة من ثقات مشايخه)
وذكرها القسطلاني في المواهب 4:580
وقال الزرقاني شارح المواهب في شرحه (8:304 ) بعد ذكر من أنكرها فقال ( وهذا تهور عجيب فإن الحكاية رواها أبو الحسن على بن فهر في كتابه فضائل مالك بإسناد حسن, وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن عده من ثقات مشائخه, فمن أين أنها كذب؟ وليس في لسنادها وضاع ولا كذاب)
ونقلها السمهودي في وفاء الوفا ج 2 ص 422 عن القاضي عياض
وقال ابن حجر في الجوهر المنظم قد روي هذا بسند صحيح
المدخل 1 / 248، 252
والفواكه الدواني 2 / 466
وشرح أبي الحسن على رسالة القيرواني 2 / 478
نقلها الامام السبكي في شفاء السقام، ص154.
والقوانين الفقهية 148

التوسل والستغاثة 2









المقدمة
خرج علينا من القرون المتأخرة بعض الأقوال التي يضحك لها الصبيان من عدم جواز التوسل بالنبي الأمين صلى الله عليه وسلم والصالحين واتهموا أهل الإسلام المتوسلون بالشرك والزندقة وتبديل هذا الدين وتبعهم بعض الجهال فرددوا أقوالهم التي شذت عن الإجماع وجمهور المسلمين.
فكان لزاماً علينا التوضيح والرد على الغلاة المتعصبين الذين أنكروا ما ثبت في الشرع المبين بالدليل المتين.
بعد أن بدلوا الحقائق البهية وخالفوا السواد الأعظم من أمة النبي الأمين محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم وخالفوا صريح الكتاب وصحيح السنة وضربوا بأقوال جل علماء الأمة عرض الحائط بلا حياء ولا إستحياء وحصروا الحق في أقوالهم الباطلة والسواد الأعظم من جل علماء المسلمين دونوا آرائهم الواضحة وطفحت كتبهم بما ينص على استحباب التوسل بالنبي صلوات الله عليه وتسليمه
وأهل الله من الأولياء والصالحين ولم ينكر نكير إلا في القرون المتأخرة وكأنهم يرمون أئمة المذاهب وجل العلماء طيلة هذه القرون السابقة بل ومن بعدها بالشرك والكفر والابتداع أعوذ بالله من هذا وأستغفر الله من هذه الأقوال
فلا ينكر نكير توسل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم الائمة الكمل الذين نقلوا إلينا هذا الدين.
وصدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل عن ابن عمر-رضي الله عنه-:
"إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبداً، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ في النار"
رواه الترمذي (2093)، والحاكم (1/199-200)، وأبو نعيم في الحلية (3/37)وابن مندة،من طريق الضياء عن ابن عمر والحديث صحيح بمجموع طرقه
وهذه المطوية التي التقطنا مادتها من جل كتب العلماء فصرفنا عنان الجهد لالتقاط ما هو مطلوب البيان في هذا المقام
وسنعرض في هذه المطوية الملتقطة من أقوال العلماء مع بعض الشروح لما استعصى من الكلمات في بعض الأدلة في الاستعانة والتوسل والاستغاثة بالنبي وبالصالحين
وما دعانا إلى صرف الجهد والتقاط أقوال جل علماء الأمة هو رمي الجهلاء لسواد الأمة الإسلامية بالشرك والالحاد والحقيقة أن لو كان هذا شركاً أو منفذاً للوقوع في الشرك كما يدعي من حرم التوسل والاستغاثة لكان أمراً عظيماً لأنه بذلك يكون قد اتهم محمداً بن عبد لله عليه الصلاة والسلام بِالتَّقْصِيرِ في أداء رسالته وترك اُمْتُهُ تتردى في مهاوي الضلال، وتكون الأمة ـ على مرّ الأزمنة السابقة ـ قد وقعت في الشرك، وهو أمر لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، وكيف يستقيم ذلك مع قوله صلى الله عليه وسلم
: "تركتكم على الواضحة"!
واليوم أكملت لكم دينكم
عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّه لم يكن نبي قبلي إِلَّا كان حقاً عليه أن يدل امته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)
صحيح مسلم: 3/1472 كتاب الإمارة.
فإذا كان الأمر التوسل والاستغاثة بهذه الدرجة من الخطورة على عقائد المسلمين لما أغفل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ولكان نهى عنه بكل شدّة
ب
ل نبينا صلى الله عليه وسلم هو من علمنا التبرك والتوسل كما سنرى
فهل يا مسلمين تجتمع أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفر وشرك كما يدعي القاسي قلبه.!!!!
فهل يروى الأئمة كفرا وشركا وخاصة القرون الثلاثة الأولى .؟؟
- وهل يسكت علماء الأمة حتى القرن الثامن على شرك .
وإذا كانت الشيعة - وخاصة الغلاة منهم - أخطأوا خطأ شديدا حيث ظنوا أن الصحابة الذين كانوا على جادة الطريق لا يتجاوز عددهم ستة من الصحابة أو ما يقرب من ذلك . وفى هذا الاعتقاد خطـــر عظــيم على الأمة لسبب بسيط وهو – ونستغفر الله من هذا اللفظ – أن هـــذا الاعتقاد مؤداه فى النهاية أن النبى صلى الله عليه وسلم لم … فى تربية أصحابه .
فنفس الغلطة وقع فيها الشيخ ابن تيميـة وأتباعه الفرقة التي تسمى اليوم بالفرقة الوهابية .. اعتقدوا أنهم هم الأمة وان السلف جاء بعد منتصف العصر السابع مع ظهور ابن تيمية ثم جاء الرعاع والسوقة بعده والذين ظهروا في نجد وظنوا أن ابن تيمية هو الحق وانه هو السلف والخلف معاً فالقرآن بفهمه والأحاديث بتضعيفه وتصحيحه وأقواله فوق مرتبة الصحابة والائمة ومقدمة على فهمهم..!!!ا
فلا فرق بين الشيعة الروافض والوهابية اللهم إلا ان الروافض يصرحون والوهابية يلمحون..

ونقول لهؤلاء إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو من علمنا التوسل والتبرك قد تبرّك بوضوء المسلمين كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة:
فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.
فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.
ذكر في مجمع الزوائد: 1\214، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثّقون،
كنز العمال: 7\112، ح 13281
وذكره السيوطي في الشمائل الشريفة ونقل تصحيح الهيثمي موافقا له ( ص 272 - 273 طبعة دار طائر العلم للنشر والتوزيع بتحقيق حسن بن عبيد باحبيشي ) برقم ( 490 )
صححه المناوي في التيسير ( 2 / 525 طبعة مكتبة الإمام الشافعي - الرياض - 1408هـ - 1988م الطبعة الثالثة )
وذكره من وجه اخر الإمام البيهقي في الشعب ( 3 / 30 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1410 ، بتحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول ) برقم ( 2791 ) ،
وقد رواه القضاعي في مسنده ( 2 / 104 طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة الثانية ، 1407 - 1986 ، بتحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي ) مختصرا برقم ( 977 )
وابن عدي في ( الكامل ) ( 2/ 783 )
ورواه ابو نعيم في الحلية ( 8 / 203 طبعة دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 )
بل حتى شيخ السلفية الألباني حسن الحديث
قال الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5 / 154 ) برقم ( 2118 ) : ( " كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء ، فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين " .
أخرجه الطبراني في الأوسط ( ص 35 ) و أبو نعيم في الحلية ( 8 / 203 ) عن حسان بن إبراهيم الكرماني عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال : " قلت : يا رسول الله ! الوضوء من جر جديد مخمر أحب إليك ، أم من المطاهر ؟ قال : لا بل من المطاهر ، إن دين الله يسر ، الحنيفية السمحة " ، قال : فذكره.
وقال : ( لم يروه عن عبد العزيز إلا حسان ) .
قلت ( الألباني ) : و هو مختلف فيه ( يعني حسان ) والأكثرون على توثيقه ، و الذي يترجح عندي أنه وسط حسن الحديث ، ولاسيما و قد خرج له البخاري في صحيحه .
وانظر تحسين الألباني للحديث في السلسلة الصحيحة المختصر ( 5 / 154 طبعة مكتبة المعارف - الرياض ) برقم ( 2118 ) ، وفي صحيح الجامع حديث رقم ( 4894 ) ..
وعندما ضعف الحويني هذا الاثر لانه تفرد به واحد عند الطبراني ولو نظرنا من هو حسان بن ابراهيم لوجدناه قد احتج به البخاري ومسلم وهو من رجالهما فكيف يضعف الآثر لتفرد ثقة به؟؟
تفرد الثقة مقبولة كما هو معلوم عند المبتدئين.
فسبحان ربي العظيم.
وليعلم أحبائنا المسلمون أننا سنورد فقط أمثلة من أنواعها وليس من باب الإحصاء فإن إحصائها لا يتيسر للباحث وفي ما سنورده الكفاية بإذن الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

وسنقسم هذه المطوية إلى خمسة فصول لتخدم المقام الذي نحن بصدده
الفصل الأول:- مصطلحات لغوية
الفصل الثاني:- ما أستند إليه المخالفون من الآيات والاحاديث والآثار والرد على الإشكالات
الفصل الثالث:- توضيح التحريف في بعض اقوال الائمة والعلماء من قبل المخالفين
الفصل الرابع:- الحياة البرزخية وحقيقتها
الفصل الخامس:- توضيح مهم في مسألة التوسل والاستغاثة والمدد
الفصل الخامس:- أدله التوسل والاستغاثة والمدد بالأحياء والأموات من الكتاب والسنة وأفعال وأقوال السلف والائمة

الفصل الأول
مصطلحات لغوية
1- الوسيلة
الوسيلة في اللغة: المنزلة عند الملك , والوسيلة:-الدرجة , والوسيلة:-القربة , وَسَلَ فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملا تقرب به إلى الله , والواسل:- الراغب إلى الله
ويقال توسل إليه بوسله إذا تقرب إليه بعمل ,وتوسل إليه بكذا أي تقرب إليه بحرمه آصرة تعطفه عليه
إذاً الوسيلة:- الوصلة والقربى وجمعها الوسائل
( لسان العرب لابن منظور ج 11 ص 724 مادة< وسل>)

2- الدعاء
لخص أبو البقاء المعاني المتعددة للدعاء مستشهدا بآيات القرآن الكريم قال :
" والدعاء : الرغبة إلى الله والعبادة نحو ( وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرّك ) ، والاستعانة نحو ( وَادْعُوا شُهَدَاءكُم ) ، والسؤال نحو ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، والقول نحو ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ) ، والنداء نحو ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) ، التسمية نحو ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا )
أبو البقاء الكليات ص 447

قال ابن منظور:
"دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة. ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته -
لسان العرب مادة (د ع و).
وانظر ايضا : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصبهاني

(ص315-316)
والدعاء شرعا:- أقصى نهاية الخضوع والتذلل بشرط نية التقرب فالعبادة لا تطلق إلا على العمل الدال علي الخضوع المتقرب به لمن يعظمه باعتقاده تأثير في النفع والضر وعلى هذا فشرط كونها عبادة نية التقرب للمعبود.
قال الخطابي:
(معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه" - شأن الدعاء)
شأن الدعاء للخطابي ص4

قال الزبيدي صاحب تاج العروس
( الدعاء ليس إلا إظهار غاية التّذلّل والافتقار)
إتحاف السادة المتقين 5/4

قال الحافظ ابن حجر:
«الدّعاء هو غاية التّذلّل والافتقار » [فتح الباري 11/95].
3-الاستغاثة
الاستغاثة لغة : طلب الغوث والنصر هي طلب العبد الإغاثة والمعونة ممن يسعفه ويدفع عنه عند الوقوع في شدة ونحوها .
وشرعا :تكون طلب العون وتفريج الكروب

قال تعالى { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ .. }[القصص 15]
فالاستغاثة بمعنى طلب التوجه من المستغاث به إلى الله تعالى في قضاء الحاجة إذ ليس لأحد مع الله فعل أو ترك وإنما المستغاث به سبب للشفاعة والدعاء ولقضاء الحاجة.
جاء في المعجم الوسيط
((
الاستغاثة ) طلب الغوث و ( عند النحاة ) نداء من يخلص من شدة أو يعين على دفع بلية ويقرن المستغاث به بلام مفتوحة والمستغاث له بلام مكسورة يقال يا لله للمسلمين وقد يجر المستغاث من أجله بمن إذا كان مستنصرا عليه كقوله
( يا للرجال ذوي الألباب من نفر
لا يبرح السفه المردي لهم دينا )
( الغوث ) الإعانة والنصرة ويقال في الشدة تنزل بالمرء فيسأل العون على كشفها واغوثاه)) اهـ

وفي القاموس المحيط
((
غَوَّثَ تَغْويثاً : قال : واغَوْثاهُ والاسْمُ : الغَوْثُ والغُواثُ بالضمِّ وفَتْحُهُ شاذٌّ . واسْتَغاثَني فأغَثْتُهُ إغاثَةً ومَغُوثَةً)) اهـ
وفي تاج العروس
((
قال شيخُنَا : قالوا : الاسْتغَاثَةُ : طَلبُ الغَوْثِ وهو التَّخْلِيصُ من الشِّدةِ والنِّقْمَةِ والعَوْنُ على الفَكَاكِ من الشّدائِدِ)) اهـ
و الاستغاثة فرع من التوسل فلا فرق بينهما كما سنرى في كلام الائمة
4- الاستعانة:
فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه.
5- الجاه
الجاه: المنزلة والقَدْرُ عند السلطان.
لسان العرب.. والقاموس المحيط (1/1607)

6- التوجه.
جاء في المعجم الوسيط
(((وجه ) انقاد واتبع يقال قاد فلان فلانا فوجه انقاد واتبع والمولود خرجت يداه من الرحم أولا وإلى الشيء توجه بمعنى ولى وجهه إليه وفي المثل ( أينما أوجه ألق سعدا )
( اتجه ) إليه أقبل بوجهه عليه ( أصله اوتجه )
الوجهة ) الجانب والناحية والموضع الذي تتوجه إليه وتقصده وكل مكان استقبلته والقبل وشبهها ووجهة الأمر وجهه
(2/953\2/954 ) المعجم الوسيط

7- الشفاعة
قال الراغب في المفردات ص 263
الشفاعة : الاِنضمام إلى آخر ناصراً له وسائلاً عنه.
8- المدد
ورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد:
((مددنا القوم، أي صرنا لهنا أنصاراً ومدداً.
وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم..
والمدد: العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددا
لسان العرب مادة (م د د ).

وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى:
أمددته بمدد: أعنته وقويته به [2]
المصباح المنير مادة (م د د)

6- التبرك
جاء في لسان العرب
((التبرك لغة: طلب البركة، والبركة هي: النماء والزيادة
مادة برك، انظر لسان العرب: 10/390

قال ابن منظور:
بارك الله الشيء، وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة، وطعام بريك كأنّه مبارك
لسان العرب: 10/390

قال الفيومي:
بارك الله تعالى فيه فهو مبارك، والأصل: مبارك فيه
المصباح المنير: 1/45.
والتبرّك في مفهومه الاصطلاحي يراد به طلب البركة عن طريق أشياء أو معان ميّزها الله تعالى بمنازل ومقامات خاصة،أي طلب الحصول على الخير على وجه السبب.

قال الراغب الأصفهاني:
البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى: { لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }الأعراف-96، { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ }الأنبياء-50، تنبيها على ما يفيض به من الخيرات الإلهية.
الفصل الثاني
ما أستند إليه المخالفون وتوضيح الإشكال
استند أصحاب هذا الرأي الشاذ إلى آيات الكتاب الحكيم وبعض الأحاديث وسنعرضها جميعا بإذن الله تعالى ونورد الأدلة على قصور الفهم الذي أدى إلى هذ الإشكال
اولاً:- الإشكالات في فهم الآيات من الكتاب الحكيم.

1- قول الله تعالى : (لاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
سورة يونس 106\107
2- وقوله تعالى: (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
العنكبوت : 17.
3- وقوله تعالى ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين))
سورة الأحقاف : 5\6.
٤- قال تعالى (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ))
سورة الجن ، آية : ١٨
إن استدلال المخالف باطل فهذه الآيات نزلت في المشركين ولا تنطبق على أهل التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصالحين ولا تقربهم لاختلاف الحال كلياً
وكما ذكر البخاري عن قول ابن عمر رضي الله عنهما
في الخوارج يقول البخاري:
«وكان ابن عمر يراهم شرار الخلق، وقد قال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين».
ومما استند إليه القوم أنهم قالوا إن العبرة في الآيات هي عموم اللفظ وليس في خصوص السبب وهذا قول حق أريد به باطل فلا أحد ينكر عموم اللفظ ولكن المستدعي للنظر والفهم أن هذه الآيات لا تشمل المسلمين لاختلاف حالهم عن حال الكفار جملاً وتفصيلاً فالدعاء في هذه الآيات بمعني العبادة لأصنامهم والمتوسلون يدعون الله الواحد الأحد والكفار يدعون آلهتهم من دون الله فأحوال الكفار في من نزلت فيهم الآيات لا يرتبط بأي صلة تشير إلى أهل القبلة من المسلمين!!!!
فشتان بين يدعوا الله متوسلا بجاه نبيه وصالحيه وبين من يدعوا غير الله فكيف يعمم الحكم على أمه الإسلام؟؟
فرق شاسع بين ما يقول يا رب أعطني كذا بحق فلان..
وبين من يقول اُعْلُ هُبَل..خذلني آلات ويعتقد أنهم آلهة من دون الله.!
ولكنا نجد أهل الفتنة يشرقون ويغربون ويقولون هذا ما قاله الكفار
{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }
ونحو قوله تعالى
{ فلا تدعوا مع الله أحداً}
ولكنهم قد تناسوا أن هذه الآيات قد جعلت في أهل الشرك وما من موحدا متوسلاً يعبد نبي أو ولي..!!
فكل آية تدل على المعنى الصريح الواضح ووضع الكفار وهو العبادة للأوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم فالمشركون كانوا يتخذون من يدعونه إلهاً من دون الله.
وسيتضح ذلك من أوجه عديدة
الوجه الأول:- فالمشركون جعلوا أصنامهم آلهة تعبد والمسلمون ما اعتقدوا في إله غير الله وما عبدوا غير الرحمن فليس لنا غير إله واحد الله جل جلاله ويظهر جليا الفرق بين المسلمين وبين عباد الأصنام وغيرهم في قول الله تعالى في الكفار

(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : ٨١-
الوجه الثاني:- الأنبياء جميعاً عليهم الصلاة والسلام عند المسلمين هم أنبياء معصومون بشر لهم خواص خاصة من الله بها عليهم وأعطاهم ما لم يعطه لبشر وليسوا آلهة تعبد من دون الله ومن قال بذلك فقد كفر
الوجه الثالث:- الأولياء هم أولياء محفظون وصلوا إلى رتبة الولاية بالعمل الصالح وعبادة رب العباد وليسوا آلهة تعبد وإلا كان الأولى أنبياء الله تعالى عليه الصلاة والسلام
الوجه الرابع:- ورد في الآيات أن الكفار وجدوا ضالتهم في عبادة هذه الأصنام فاستحقت العبادة بالنسبة لهم وعبدوها بالفعل كما في قوله تعالى (وما نعبدهم إلا ليقربونا)
أما المسلمون فلا إله لهم غير الله تعالى ولا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم وما عبدوا غيره جل جلاله.
الوجه الخامس:- أن المشركون عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم وزعموا أن ذلك ليقربوهم إلى الله فهم قد اتخذوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم آلهة من دون الله والإله هو المستحق للعبادة
والمسلمون عبدوا الله وحده ولم يعبدوا غيره ولم يعتقدوا في غيره سبحانه وتعالى وتوسلوا بالأنبياء والصالحين رجاء تحقيق مطالبهم من الواحد القهار
فدعاء المشركين دعاء آلوهية وتعبد
ودعاء المسلمين توسل واستشفاع فشتان بين الاثنين فكيف يعمم أهل الجهل القول علي المسلمين؟
وقول المعترض
وقوله تعالى في الآية الكريمة (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى))
فالاستدلال بالآية في غير محله وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى فكما وضحنا في الاوجه السابقة أن أهل الشرك عبدوا أصنامهم والآية بدأت بقوله تعالى ما نعبدهم أي عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم فكان قولهم فاسد أن هذا للتقريب لان دعاءهم دعاء آلوهية وتعبد.
فكانت الآية لإظهار أن علل عباد الأوثان والأصنام التي عللوا بها عبادة الأصنام إنما هي عله فاسدة وجاءت الآية من باب التنبيه على ضلالتهم وهذا ما ذكر في أكثر من آية في الكتاب الحكيم أنهم خضعوا لها وعبدوها من دون الله تعالى
فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تنفع ولا تضر قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى
وهذا من جحدهم بآيات الله تعالى
ومن كذبهم الذي أظهره الله في أكثر من موضع في الكتاب الحكيم
وهذا ما لا ينطبق على أهل الإسلام..
وهذا واضح وصريح في جميع الآيات من أن الكفار قد عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وجعلوهم آلهة تنفع وتضر وترزق فأضافوا إليهم صفات الألوهية ونسبوا إليهم القدرة استقلالاً
فكفرهم وإشراكهم من حيث عبادتهم لها
و هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكي ربنا عنهم من قولهم مسوغين عبادة الأصنام : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك لكان الله أجل عندهم من تلك الأصنام فلم يعبدوا غيره وقد نهى الله المسلمين من سب أصنامهم
بقوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
روى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه أنه قال :
(( كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عز وجل ، فأنزل الله : ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) هذا سبب نزول هذه الآية .
فهي إذن تنهى المؤمنين نهي تحريم شديد أن يقولوا كلمة نقص في الحجارة التي كان يعبدها الوثنيون بمكة المشرفة لأن قول تلك الكلمة يتسبب عنه غضب أولئك الوثنيين غيرة على تلك الأحجار التي كانوا يعتقدون من صميم قلوبهم أنها آلهة تنفع وتضر وإذا غضبوا قابلوا المسلمين بالمثل فيسبون ربهم الذي يعبدونه وهو رب العالمين ويرمونه بالنقائص وهو المنزه عن كل نقص ولو كانوا صادقين بأن عبادتهم لأصنامهم تقربهم إلى الله زلفى ما اجترؤا أن يسبوه انتقاماً ممن يسبون آلهتهم فإن ذلك واضح جداً في أن الله تعالى في نفوسهم أقل من تلك الحجارة .
وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى :
(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )
فإنهم لو كانوا يعتقدون حقاً أن الله تعالى الخالق وحده وأن أصنامهم لا تخلق لكانت عبادتهم لله وحده دونها أو لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الحجارة وهل هذا يتفق مع شتمهم له عز وجل غيرة على حجارتهم وانتقاماً لها منه سبحانه وتعالى ؟ إن البداهة تحكم أنه لا يتفق أبداً وليست الآية التي معنا وحدها تدل على أن الله تعالى أقل عند أولئك المشركين من حجارتهم بل لها أمثال منها قوله تعالى:
(وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ)
فلولا أن الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه هذه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله : (سَاء مَا يَحْكُمُونَ ).
ومن هذا القبيل قول أبي سفيان رضي الله عنه قبل إسلامه : ((اُعْلُ هُبل)) كما رواه البخاري ينادي صنمهم المسمى بهُبل أن يعلو في تلك الشدة رب السماوات والأرض ويقهره ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم ، هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ومع الله رب العالمين .
وهذا يظهر جلياً في آيات الكتاب الحكيم لمن ألقى السمع وهو شهيد قال تعالى
(وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً) الفرقان 60
قال تعالى
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : 81
قال تعالى
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوء) هود : 54
قال تعالى
(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت :17
فهذه الآيات تدل وتصرح بعبادتهم الأوثان من دون الله تعالى فكيف تنطبق هذه الآيات على المتوسل وهو من عبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!
قال تعالى
(ألَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)
الزمر : 36:38
الآية هنا تصرح بأن المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهم
قال البغوي في تفسير الآية : " ... وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... " وذلك أنهم خوفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرة معاداة الأوثان
وقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون
تفسير البغوي ج4 ص 69
قال تعالى :-
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) يونس1
قال تعالى :-
(أَفَرَأَيْتُمُ اَللَّات وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ اَلْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ اَلْأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ) النجم : 19:23


قال تعالى :-
" وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْض كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ "البقرة : 116

فإن جميع هذه الآيات تدل وبصراحة على أن شرك المشركين كان في دعاء الآلهة التي عبدوها من دون الله وهل هناك حاجة لأدلة أصرح من هذه الآيات؟
وقولهم لقربونا إلي الله زلفي أو أن الله هو الخالق هو من الكذب كما وضحنا فالمشركين أقروا بألسنتهم فقط ولم يكن هذا إيمان فهم كاذبون أفاكون.
اتعلمون كيف يكونوا هؤلاء كذابون أفاكون ؟
انظر إلى قول الله تعالى
قال الله تعالى : * ( ولئن سألتهم من خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ) العنكبوت : 61
أتعلم كيف ينطق الكفار بألسنتهم فقط؟؟
قال الله تعالى ( يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ) * التوبة : 8
قال تعالى : ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) الزمر : 3
قال القرطبي في التفسير ( 13 / 161 ) : ( أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي)اهــ ونقول هذا معناه : أنهم يقولون ذلك بألسنتهم فقط عند إقامة الحجج عليهم وهم في الحقيقة لا يقولون بذلك
ويظهر هذا في قوله تعالى
قال تعالى : ( ألم تر إلى الذي حاجَّ إبراهيم في ربه )
وجاء في الأثر حدثنا عبد الله قال : حدثني أبي ، ثنا محمد بن عبد الله ثنا كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله قال : قرأ ابن الزبير آية فوقف عندها أسهرته حتى أصبح ، فلما أصبح قال : من حبر هذه الأمة ؟ قال : قلت : ابن عباس ، فبعثني إليه فدعوته ، فقال له : إني قرأت آية كنت لا أقف عندها ، وإني وقفت الليل عندها فأسهرتني ، حتى أصبحت ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فقال ابن عباس « لا تسهرك فإنا لم نعن بها ، إنما عني بها أهل الكتاب ،
( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )، وهو
( الذي بيده ملكوت كل شيء ) ، ( وهو يجير ولا يجار عليه ) (سيقولون الله فهم يؤمنون ههنا وهم يشركون بالله )
فضائل الصحابة احمد بن حنبل 3\334
مختصر قيام الليل للمروزي، ص 149)
وذكر مختصرا في تفسير الإمام الطبري.
إذاً فكلُّ آيةٍ تدل على المعنى الصريح الواضح ووضع الكفار
والقول أن الكفار كانوا موحدين توحيد ربوبية هو من الجهل الفظيع
هل هؤلاء الكفار في الآيات التي سردناها موحدين أم مشركين ؟
فإما أن يقول المعترض بأنهم مشركون أم يقول البعض بأنهم موحدون لأن الذي نعرفهُ وندين الله تعالى به هو أن الناس ينقسمون إلى قسمين إما كُفار وأما موحد
وقول البعض بأن هناك من هو موحد توحيد
ألوهية وليس موحد توحيد ربوبية أو العكس يقتضي وجود منزلة بين المنزلتين .
ونحنُ لا نعرف إلا موحد أو مشرك
ثم يا من قسمتم التوحيد ألى توحيد ألوهية وربوبية وأسماء وصفات!
أليس التوحيد من أعظم المهمات التي بعث بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء؟؟؟
إذاً لماذا لم يقل نبينا عليه الصلاة والسلام ( ايها الناس أعلموا أن التوحيد ينقسم إلى توحيد ألوهية وربوبية وأسماء وصفات ) ؟
أنا أجيبكم على ذلك
لأنه سَرَابٌ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً
ثم هل ورد في حديث من الأحاديث أن الرجل إذا وضع في قبره يسألهُ الملكان ( هل كُنت موحد توحيد ألوهية أم كنت موحد توحيد ربوبية ؟)
ثم هل من قال فيهم سبحانه وتعالى:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (العنكبوت:23)
( بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة: من الآية5)
( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ )(البقرة: من الآية61)
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (آل عمران: من الآية4)
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) (آل عمران:70)
)َضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) (آل عمران: من الآية112)
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ) (النساء: من الآية155)
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ)(لأنفال: من الآية52)
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (يونس:95)
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النحل:104)
(ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) (الروم:10)
(كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (غافر:63)
(وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)(الأنعام: من الآية33)
والظالمين المراد به هنا هم الكافرين
فالخلق والإنعام والإيجاد والرزق ووو كلها من آيات الله , فوصف الله الكفار بأنهم جاحدون أي كافرون بآيات الله
( توحيد الربوبية على زعمكم )
فهل من يكفر بآيات الله يعترف بالله لا رب سواه؟ ؟
مالكم كيف تحكمون
ثم أين العقول يا أصحاب العقول؟
ما معنى كلمة ( موحد ) ؟ فهي في مفهومكم مُتجزئ إلى ثلاثة ؟؟
وكذلك نص جميع أهل التفسير بلا استثنا في التفاسير من أقوال الكفار هذا ابن الله شريك الله وغيرها.
فالمشركون كانوا يعبدون الآوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم , فوسيلة الشئ غيره.
ومما جاء على سبيل المثال في تفسير الطبري
عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله:
{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }
قال:
قريش تقوله للأوثان، ومن قَبْلَهم يقوله للـملائكة ولعيسى ابن مريـم ولعزَيز.) لهـ

وإذا راجعت أخي المسلم جميع التفاسير ستجد نصوص الائمة على أن أهل الشرك وجدوا ضالتهم في عبادة الأصنام فعبدوها من دون الله وان مثل هذه الأقوال قد قالها قوم من اليهود في عزير وقوم من النصارى في عيسى ابن مريم
فماذا قالت اليهود في عزيز وماذا قالت النصارى في سيدنا عيسى عليه السلام؟؟
فراجع إن شئت تفسير الآية في جميع التفاسير
وتذكر فهل قال أهل الإسلام مثل كما قالت النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام أو اليهود في عزيز أو كفار قريش في اَللَّات وَالْعُزَّى هل قال مسلم ان لله شريك أو ولد أو اعتقد في غير الله الهاً فهل هذا يقوله مسلم يا أهل الإسلام؟؟
إشكالات أخرى عند القوم
قال تعالى: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين".
هذه الآية واردة فيمن يعبدُ غير الله تعالى ولا يجوز الاستدلال بها للرد على المتوسلين إلى الله بخلقه ثم إن المراد بالآية هو الأصنام ومن عبدوهم من دون الله وهذا ما لا يقوله مسلم.
والمستدعي للنظر والفهم أن هذه الآيات لا تشمل المسلمين لاختلاف حالهم عن حال الكفار جملا وتفصيلا فالدعاء في هذه الآيات بمعني العبادة لأصنامهم.
((وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ))
هذا توبيخ للمشركين في دعواهم مع الله غيره في المسجد الحرام هو لله اصطفاه لهم واختصهم به ووضعه مسكناً لهم .
وأحياه بعد الممات على يد أبيهم وعمره من الخراب بسلفهم وحين بلغت الحالة إليهم كفروا هذه النعمة وأشركوا بالله غيره وما كان المتوسل يشرك احدا أياً كان في العبادة مع الله كما بينا سابقاً.
فالمشركون كانوا يعبدون الآوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم فالتوسل لا يعبد إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!

- وقوله تعالى : ( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ؟ أإله مع الله ؟ ) سورة النمل : 62
- وقوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (٦٠)غاف
- وقوله تعالى ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدَّاعّ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦) البقرة
الرد على الإشكالات في هذه الآيات:-
فهذه الآيات لا تنكر الاستغاثة والتوسل فمن استعان بمخلوق أو سأله أو طلب منه معتقِداً أنه ينفع ويضر بنفسه استقلالا دون الله فقد أشرك..وهذا لا خلاف عليه فهذه الآيات شاملة لدعاء الشخص نفسه ولدعاء المستغاث به وكل من الاستغاثة والتوسل ليس فيهما دعاء غير الله بما اختص به وحتى حين يطلب المستغيث أو المتوسل قضاء الحاجة من المستغاث به مباشرة لا يريد الموحد بالله منه إلا أن يسعى في قضاء حاجته بالطرق المقدورة له عند من بيده الأمر وحده الله جل جلاله فهو في حقيقته استشفاع لطلب السعي والتسبب العادي في إجابة الدعاء وقضاء الحاجة.
أما التوسل فهو مشروع ولا أحد يظن كما بينا مسبقا أن التوسل والاستغاثة بالأنبياء والصالحين ليس إلا تشفعاً بهم لله عز وجل فالله هو المتصف بالقدرة المطلقة ويعطي ما يشاء لمن يشاء من عباده فيعطي لهم بعض القدرة المقيدة وهل هذا على الله بكثير..؟
والأنبياء والأولياء ما هم إلا سبباً في الضر والنفع بإذن الله تعالى والفاعل هو الله جل جلاله كما بينّا وسنبين في معرض المطوية.
والاستغاثة والتوسل إذا أطلقت على المخلوق فهي من قبيل الاشتراك اللفظي والمجاز وكل المؤمنين يعلمون أن المغيث
هو الله وما النبي أو الولي إلا من قبيل التسبب.
ونقول لهم الله تعالى القائل ادعوني أستجب لكم
هو نفسه القائل سبحانه: "وابتغوا إليه الوسيلة"
وقال تعالى ((
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا).