نشأت الحركة الوهابية في جزيرة العرب على يد زعيمها الأول ابن تيمية الحرّاني في تسعينات القرن السابع الهجري , وأخذت شكلها المنظم في العصر الحديث على يد زعيمها الثاني محمد بن عبد الوهاب , والتي تصدى لها الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالنصح والإرشاد تارة , وبقوة السلاح تارة أخرى , حين دعمه سلطان السعوديين
ونتناول بإيجاز شديد ترجمة هذين الرجلين أولاً , ثم ننتقل إلى أفكارهما وموقف علماء الإسلام , بما فيهم الإمام أحمد رضا خان من هذه الحركة .
أولاً : الشيخ ابن تيمية :
هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرّاني الدمشقي الحنبلي , ولد في عاشر ربيع الأول سنة 661 هـ , وهو حفيد الفقيه المجد ابن تيمية الحنبلي المشهور . ولد بحرّان في بيت علم من الحنابلة وقد أتى به والده الشيخ عبد الحليم مع ذويه من هناك إلى الشام خوفاً من المغول , وكان أبوه رجلاً هادئاً أكرمه علماء الشام ورجال الحكومة حتى ولّوه عدة وظائف علمية مساعدة له , وبعد أن مات والده ولّوا ابن تيمية هذا وظائف والده بل حضروا درسه تشجيعاً له على المضي في وظائف والده وأثنوا عليه خيراً كما هو شأنهم مع كل ناشئ حقيقي بالرعاية , وعطفهم هذا كان ناشئاً من مهاجرة ذويه من وجه المغول يصحبهم أحد بني عباس , وهو الذي تولى الخلافة بمصر فيما بعد , وتوفي والده بلا مال ولا تراث بحيث لو عين الآخرون في وظائفه للقي عياله البؤس والشقاء .... وكان في جملة المثنيين عليه التاج الفرازي المعروف بالفرح , وابن البرهان , والجلال القزويني , والكمال الزملكاني , ومحمد بن الحرير الأنصاري , والعلاء القونوي وغيرهم , لكن ثناء هؤلاء غّرَّ ابن تيمية ولم ينتبه إلى الباعث على ثنائهم , فبدأ يذيع بدعاً بين حين وآخر , وأهل العلم يتسامحون معه في الأوائل باعتبار أن تلك الكلمات ربما تكون فلتات لا ينطوي هو عليها , لكن خاب ظنهم وعلموا أنه فاتن بالمعنى الصحيح , فتخلوا عنه واحد إثر واحد على توالي فتنه , ثم إن ابن تيمية وإن كان ذاع صيته وكثرت مؤلفاته وأتباعه , فإنه كما قال فيه المحدّث الحافظ الفقيه ولي الدين العراقي ابن شيخ الحافظ زين الدين العراقي في كتابه ( الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية ) : " علمه أكبر من عقله " , وقال أيضاً : أنه خرَّق الإجماع في مسائل كثيرة , قيل : تبلغ ستين مسألة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع خالف فيها بعد انعقاد الإجماع عليها .
وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم , فأسرع علماء عصره في الرد عليه وتبديعه , منهم الإمام حافظ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي , قال في الدرة المضيّة ما نصه : أما بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد , ونقص من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد , بعد أن كان مستمراً بتبعية الكتاب والسنة , مظهراً أنه داع إلى الحق معاد إلى الجنة , فخرج عن الإتباع إلى الابتداع , وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع , وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة , وأن الافتقار إلى الجزء أي افتقار الله إلى الجزء ليس بمحال , ومعنى هذا الكلام أن الله مركب من أجزاء ويحتاج إلى تلك الأجزاء والعياذ بالله , وقال بحلول الحوادث بذات الله , وأن القرآن محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن .... فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديماً , ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل , ولا نحلة من النحل.................................................................
http://www.soufia.org/vb/showthread.php?t=9405
No comments:
Post a Comment